في كل ازمة يمر بها العراق وفي كل مناسبة ، تؤكد القوى السياسية الرئيسة بعدها عن الشارع العراقي وعن معاناته وآماله وتطلعاته .. وان همها الرئيس هو تحقيق مصالحها والبقاء اطول فترة ممكنة في الحكم ، مهما اشتدت الخطوب ومهما كان حجم الاخطار المحدقة بالعراق وشعبه ..
والعراق يمر اليوم بثلاث من اخطر الازمات التي واجهته ، ربما في تاريخه الحديث وليس في السنوات الاخيرة فحسب ، هي الهبوط المدوي لاسعار النفط لما دون 30 دولارا وفايروس كورونا والصراع الامريكي الايراني على ارضه ..
واحدة فقط من هذه الازمات تتطلب حكومة قوية قادرة على اتخاذ قرارات صارمة وحاسمة ، بعيدا عن تأثيرات القوى السياسية والاحزاب والضغط الخارجي ، وليست حكومة عاجزة بالاساس قبل تحولها الى تمشية الاعمال ..
لكن ما يجري الان على الساحة العراقية هو اصرار على ابقاء الوضع على ماهو عليه وعدم التحرك الجاد نحو تشكيل مثل هذه الحكومة او بنصف قوتها على اقل تقدير . فالقوى السياسية التي اسقطت المكلف الاول محمد علاوي بضغوطها ومطالبها التي لاتنتهي ، تكرر نفس السيناريو مع الثاني عدنان الزرفي ..وحجتها في ذلك بالنسبة للثاني هي ان آلية تكليفه فيها تجاوز على الدستور وقفز فوق القوى المؤثرة في الساحة العراقية ..
فتيار " الحكمة" الذي كان يتباهى ويتبجح بانتقاله الى " المعارضة " ، يتحفظ اليوم على طريقة وآلية تكليف الزرفي برئاسة الوزراء، على اساس :" ان الطريقة التي اعتُمدت في هذا التكليف تعكس عدم الاكتراث لعدد مهم من القوى الاساسية في الساحة السياسية ".
تيار عمار الحكيم الذي يتحفظ الان لم يرف له جفن لمقتل بحدود 600 شاب ، ولم يكترث لمئات الالاف من المنتفضين " الباحثين عن وطن " ولم تحركه المخاطر المحيقة بالبلد ، بل مايقلقه هو عدم الاكتراث لـ "عدد مهم " من القوى السياسية ، فاين الحكمة في هذا ؟!
ف.ا