من مفارقات العمل السياسي في العراق ، ان السياسيين لم يكتفوا بعدم الاعتراف بفشلهم وفشل عمليتهم السياسية معهم ، بل انهم ذهبوا ابعد من ذلك بكثير الى حد اقتراح معالجات وطرح " مبادرات " لحل الازمة العراقية ، متناسين انهم ، وليس غيرهم ، اساس كل الازمات والاوضاع المتردية في العراق .
فبعد مقترحات حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي ، تقدم القيادي في الدعوة زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي ، بمبادرة جديدة اطلق عليها " خارطة طريق " لحل الازمة العراقية..
مبادرة العبادي تتضمن تسع نقاط ، اهم ما فيها اجراء تعديلات منصفة لقانون لانتخابات بما يضمن تجديد الحياة السياسية ، و تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة تماماً عن الاحزاب، ووضع ضوابط وآليات الانتخابات الضامنة للنزاهة والارادة الحرة للناخبين باشراف دولي .. والعمل الجاد والحقيقي لمحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين ..
وهي لاتختلف كثيرا عن المقترحات التي طرحها حزب الدعوة قبل ايام المتضمنة الدعوة لاجراء انتخابات مبكرة وتهيئة متطلباتها في فترة وجيزة وبآليات جديدة، وان يكون التحول الديمقراطي السلمي في العملية السياسية بعيدا عن التدخل الاجنبي او من خلال ضغط بعض الفصائل المسلحة على مسار الانتخابات ، اضافة الى نقاط اخرى تدور ضمن الاطار ذاته ..
وقد تناسى المالكي والعبادي انهما تمتعا بثلاث فترات حكم ، اثنتان للاول وواحدة للثاني من بعده . و لو نظرا الى مرآة ما قدماه خلال اثني عشر عاما من حكمهما ، لظهرت امامهما بشاعة الصورة التي تركاها على الواقع العراقي من ترسيخ المحاصصة وتجذر الفساد وانتشار الجريمة المنظمة وفتح المجال واسعا امام سطوة وسيطرة الميليشيات المسلحة ، وهي اساس كل المشاكل والازمات التي يعاني منها المجتمع العراقي..
ان الرجلين ، مع كل ما بينهما من خلافات وصراعات ، لكنهما يجتمعان ويلتقيان في نقطتين رئيستين ، الاولى انهما نتاج عملية سياسية عرجاء وفاشلة من الاساس ، والثانية هي ان مصيرهما سيكون واحدا مع خليفتهما عادل عبد المهدي كنتيجة اولى من نتائج الانتفاضة الشبابية .
ف.ا