تبخرت رغبة العقيد الراحل جون قرنق، زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، سريعا لتكوين سودان جديد يقوم على الحرية والعدالة والمواطنة، ولا فرق فيه بين شمال وجنوب، أو شرق وغرب، واتجه إلى خيار الانفصال رضائيا بعد سنوات من حمل البندقية قسريا. والنتيجة لم ينعم الجنوب بالأمن، ولم يحل الاستقرار في الشمال، ولم تتوقف فصول الحروب الغامضة.
قطع الشعب السوداني شوطا كبيرا نحو التغيير، وأكد قدرته على الصمود في الشارع بحثا عن نظام يملك صيغة مبتكرة للحكم تطوي مرارات صفحة قاتمة وتوفر متطلبات سياسية واقتصادية واجتماعية تحقق الأمن والاستقرار.
عندما اندلعت احتجاجات في السودان ثم الجزائر، تصور التيار الإسلامي أنه سيعيد تكرار تصرفاته في الموجة الأولى من المظاهرات التي أطلق عليها انتفاضات أو ثورات أو مؤامرات، وشهدتها دول تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، ويقفز ليتصدر المشهد العام، ويجني العديد من الثمار السياسية.
الجزائر أول بلد عربي فتح أعين المنطقة على مخاطر القوة السياسية للتيار الإسلامي، منذ حوالي ثلاثين عاما، عندما اكتسحت جبهة الإنقاذ الانتخابات البرلمانية في مرحلتها الأولى. وهي أول دولة برعت في منع صعودهم وعدم تمكينهم من السلطة، وفي مقدمة من خاضوا حربا شعواء ضد المتشددين، ثم المصالحة معهم. كذلك أول من ابتكرت صيغة رمادية للاستجابة لمطالب المتظاهرين بعدم التمديد لرئيسها لولاية خامسة.
النهاية المأساوية التى وصل إليها الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، تؤكد أن مقولته الشهيرة «الرقص على رءوس الثعابين» التى مكنته من حكم البلاد 34 عاما